close

شرح حديث النائحة إذا لم تتب قبل مۏتها

وَفي هذا الحديثِ يَرصُدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أُمورًا كانت وَلا تزالُ عالقةً ببَعضِ النَّاسِ يَأتونَ بِها، وهيَ مِن أُمورِ أهلِ الجاهليَّةِ، فَحذَّرَنا مِنها، وأنَّ مَن أَتى بواحدةٍ مِنها فقدْ أَتى بإحْدَى الصِّفاتِ الجاهليَّةِ، ولا بدَّ لَه مِن تَركِها إلى ما شَرَعَه الإسلامُ فيها وفي أَمثالِها؛ فيُخبِرُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بوُجودِ أَربعِ خِصالٍ في أُمَّةِ الإسلامِ، هي مِن أُمورِ أهلِ الجاهليَّةِ وخِصالِهمُ المُعتادةِ، وأخبَرَ أنَّ هذِه الخِصالَ تَدومُ في الأُمَّةِ لا تَترُكُها كما ترَكَت غيْرَها مِن سُننِ الجاهليَّةِ؛ فإنْ تَرَكَها طائفةٌ، جاءَ وتَمسَّك بها آخَرون.

وأَوَّلُ هذِه الأُمورِ: «الفخرُ في الأَحسابِ»، وهو افتخارُ المرْءِ ومُباهاتُه وتَمدُّحُه بالخِصالِ والمَناقبِ والمَكارمِ؛ إمَّا فيه أو في أَهلِه، والحَسَبُ ما يَعُدُّه الرَّجلُ منَ الخِصالِ الَّتي تَكونُ فيهِ، كالشَّجاعةِ والفَصاحةِ وغيرِ ذلكَ، ومَعنى الفَخرِ في الأَحسابِ هوَ التَّكبُّرُ والتَّعظُّمُ بعَدِّ مَناقبِه ومآثرِ آبائِه، وهذا يَستلزِمُ تَفضيلَ الرَّجلِ نَفْسَه عَلى غيرِه ليُحقِّرَه، وعندَ أبي داودَ: قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «قدْ أذْهبَ اللهُ عنْكم عُبِّيَّةَ الجاهليَّةِ وفخْرَها بالآباءِ، مؤمنٌ تَقيٌّ، وفاجرٌ شَقيٌّ، والنَّاسُ بنو آدمَ، وآدمُ مِن تُرابٍ».

وثاني الأُمورِ المُستقبَحةِ: «الطَّعنُ في الأنسابِ»، ويُقصَدُ به إدخالُ العَيبِ في أنسابِ النَّاسِ، كالتَّعييرِ بالنَّسبِ، أو أنْ يَنفِيَ نَسبَه عن أبيهِ، وهيَ دَعوَى مُنتِنةٌ؛ لِمَا فيها مِن شقِّ الصَّفِّ المُسلمِ، ولِما تُثيرُه مِن فِتنٍ وشُرورٍ، ورمْيٍ لأعراضِ النَّاسِ.

والأَمرُ الثَّالثُ: «الاستسقاءُ بالنُّجومِ»، ويُقصَدُ به الدُّعاءُ وطَلبُ السُّقيا بنُزولِ المطرِ، بِاعتقادِ أنَّ النُّجومَ سَببٌ في ذلكَ، كَما كانوا يَقولونَ في الجاهليَّةِ: مُطِرْنا بنَوءِ كَذا، واعتقادُ أنَّها المؤثِّرةُ في نُزولِ المطرِ حَقيقةً كُفرٌ. والمَطرُ مِن رَحمةِ اللهِ بعِبادِه، ويَنزِلُ بَقدَرِه، وهوَ مِنَ الأُمورِ الَّتي قالَ اللهُ فيها: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].

والأمرُ الرَّابعُ: «النِّياحةُ»،

 

لتكملة الموضوع اضغط على الرقم 3 في السطر التالي👇

الصفحة السابقة 1 2 3الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
error: Content is protected !!